هل سمعت عن شخص استثمر مبلغاً صغيراً في العملات المشفرة وحقق ثروة في غضون أشهر؟ ربما سمعت أيضاً عن آخرين فقدوا كل ما لديهم بسبب قرار خاطئ أو خطوة غير مدروسة!
سوق العملات الرقمية مليء بالقصص الملهمة والمأساوية في الوقت نفسه. المشكلة ليست في السوق نفسه، بل في الطريقة التي يتعامل بها الناس معه.
لكن ما هي الأسباب العميقة التي تجعل الغالبية العظمى من المبتدئين ينسحبون خاليي الوفاض؟
الكثير من المبتدئين يدخلون هذا العالم بحماس كبير لكن بدون فهم كافٍ لقواعده أو تحدياته، وما النتيجة؟ أخطاء متكررة تؤدي إلى خسائر كبيرة.
في هذا المقال، سنستكشف سبعة أخطاء في تداول العملات الرقمية يقع فيها المبتدئون عند تداول العملات المشفرة، مع تقديم حلول عملية لتجنبها.
لماذا يفشل 90% من المبتدئين في تداول العملات الرقمية المشفرة؟
لماذا يواجه المبتدئون صعوبة كبيرة في تداول العملات الرقمية؟ الإجابة ليست بسيطة، لكنها تعكس طبيعة هذا المجال والتحديات التي تصاحبه.
فسوق العملات المشفرة مختلف تماماً عن الأسواق التقليدية. إنه سوق غير منظم إلى حد كبير، سريع التقلبات، ويعتمد بشكل كبير على العوامل كثيرة.
تشير الإحصائيات إلى أن 90% من المتداولين الجدد يفشلون في تحقيق أرباح مستدامة، وغالباً ما يرجع ذلك إلى أخطاء متكررة يمكن تفاديها بالوعي والتخطيط السليم.
أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الكثير من الناس يفشلون هو أنهم يدخلون دون معرفة كافية، فالعملة الرقمية تعتمد على تقنيات معقدة مثل البلوكتشين، وفهم كيفية عملها يتطلب وقتاً وجهداً.
الجانب النفسي يلعب دوراً كبيراً أيضاً، قد ترى قيمة عملتك تتضاعف أو تنخفض بشكل دراماتيكي خلال ساعات قليلة. وقد تدفع البعض إلى اتخاذ قرارات بناءً على العواطف بدلاً من التفكير المنطقي، والخوف من فقدان المال أو الطمع في تحقيق مكاسب سريعة يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية.
ثم هناك مشكلة الخبرة العملية، هناك بعض المبتدئين يعتقدون أنهم يستطيعون جني الأرباح بمجرد دخولهم السوق، دون أن يتعلموا الأساسيات أو يختبروا استراتيجياتهم.
ايضاً وسائل التواصل الاجتماعي تضيف طبقة أخرى من التعقيد، فهي مليئة بقصص “النجاح الباهر”. هناك العديد من الأشخاص الذين يدعون أنهم “خبراء” ويعرضون نجاحاتهم بشكل يجعلها تبدو سهلة ومغرية.
المبتدئون غالباً ما يتأثرون بهذه القصص ويقومون بتقليدهم دون تحليل عميق، وهذه ما يؤدي إلى قرارات متهورة وغير مدروسة و أخطاء في تداول العملات الرقمية.
7 أخطاء شائعة يرتكبها المبتدئون في تداول العملات الرقمية المشفرة
الخطأ الأول: عدم إجراء بحث كافٍ
العديد من المبتدئين يقعون في فخ الاستثمار في مشاريع لمجرد أنها “حديث الساعة”، دون أن يبذلوا جهداً حقيقياً لفهم ما يقف وراء هذه المشاريع.
على سبيل المثال، لنفرض أنك استثمرت في عملة رقمية جديدة لأن الجميع حولك يتحدث عنها، لكنك لم تفهم التكنولوجيا التي تعتمد عليها أو الفريق القائم عليها.
إن كانت هذه العملة تعتمد على تقنية غير مستدامة أو فريق غير مؤهل، فإن فرص نجاحها ستكون ضئيلة للغاية.
كيف تتجنب هذا الخطأ؟
- ابدأ بفهم الأساسيات: افهم كيف تعمل تقنية البلوكشين، كيف تعمل العملات الرقمية، وما الفرق بين العملات المشفرة والرموز المميزة (Tokens).
- قم بدراسة المشروع: تحقق من فريق التطوير، رؤية المشروع، التقنية المستخدمة، ومدى قابلية التطبيق في العالم الحقيقي.
- ابحث أكثر: اقرأ المراجعات والتقارير من مصادر موثوقة بدلاً من الاعتماد على آراء المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي فقط
الفرق بين البورصة المركزية والبورصة اللامركزية: أيهما افضل؟
الخطأ الثاني: عدم وضع استراتيجية واضحة
الاستراتيجية هي خارطة الطريق التي تحدد كيفية تحقيق أهدافك وتجنبك اخطاء تداول العملات الرقمية. بدون استراتيجية واضحة ستكون مثل شخص يسير في غابة دون بوصلة، عرضة للضياع في كل اتجاه.
الكثير من المبتدئين يدخلون السوق دون أي خطة وهذا يجعلهم عرضة لاتخاذ قرارات عشوائية مدفوعة بالعاطفة.
ما هي مكونات الاستراتيجية الجيدة؟
- الأهداف: حدد ما تريد تحقيقه. هل تهدف إلى تداول يومي قصير الأجل أم استثمار طويل الأمد؟
- إدارة المخاطر:حدد النسبة التي ستخسرها قبل الخروج من الصفقة (Stop-Loss)، والنسبة المستهدفة للربح.
- التقييم الدوري: راجع نتائج تداولاتك شهرياً، وحسّن استراتيجيتك بناءً على الأداء.
الخطأ الثالث: نسبة المخاطرة إلى المكافأة ضعيفة
واحدة من أكثر أخطاء تداول العملات الرقمية شيوعاً هي مسبة المخاطرة الى المكافأة. ببساطة، هذه النسبة تقيس مدى التوازن بين المخاطر التي تتحملها مقابل العائد المحتمل الذي يمكنك تحقيقه.
كثير من المبتدئين يدخلون صفقات تكون فيها المخاطرة أعلى من المكسب، مما يجعلهم يخسرون على المدى الطويل حتى لو حققوا بعض الصفقات الرابحة.
على سبيل المثال، تخيل أنك تستثمر في عملة مشفرة تتوقع أن ترتفع بنسبة 5% فقط، لكنك تعرض نفسك لخطر فقدان 20% من رأس المال إذا انخفضت الأسعار، هذه ليست صفقة جيدة بأي حال من الأحوال.
كيف تتجنب هذا الخطأ؟
- قبل الدخول في أي صفقة حدد مستوى الربح المستهدف ومدى الخسارة القابلة للتحمل (Stop-Loss).
- استخدم أدوات الرسم البياني (Charts) لتقييم فرص النمو بناءً على البيانات التاريخية الموجودة على المدى الطويل.
- لا تدخل في صفقات ذات إمكانات نمو ضئيلة أو مخاطر عالية.
ما هي نسبة المخاطرة إلى المكافأة المثالية؟
- نسبة 1:2 أو أعلى: يعني أن المكسب المحتمل يجب أن يكون ضعف الخسارة المحتملة على الأقل.
مثال: إذا كنت مستعداً للمخاطرة بـ 100 دولار في صفقة، فيجب أن يكون هدف الربح 200 دولار على الأقل. - تجنب الصفقات غير المتوازنة: مثل المخاطرة بـ 200 دولار لربح 50 دولاراً فقط، فهذه صفقات غير مستدامة.
حتى لو كانت 60% من صفقاتك خاسرة، ولكنك تحافظ على نسبة Risk/Reward = 1:2، فستظل رابحاً على المدى الطويل بسبب تعويض الصفقات الرابحة للخسائر.
الخطأ الرابع: تجاهل استخدام أوامر وقف الخسارة (Stop-Loss)
أحد أكثر أخطاء تداول العملات الرقمية فتكاً برأس المال في التداول هو إهمال استخدام أوامر وقف الخسارة (Stop-Loss).
المبتدئين يعتقدون أنهم أذكى من السوق ويمكنهم توقع كل تحركاته، أو يستطيعون مراقبة الأسعار بشكل مستمر أو أن الصبر سينقذهم من الخسائر، لكن الواقع يؤكد أن هذه المقاربة تنتهي بكوارث مالية.
كيف تتجنب هذا الخطأ؟
- استخدم أمر وقف الخسارة في كل صفقة تقوم بها.
- حدد مستوى وقف الخسارة بناءً على نسبة مئوية صغيرة من رأس المال (1 – 2%).
- لا تعتمد على الحظ أو الافتراضات بأن الأسعار سترتفع مرة أخرى في حال الخسائر الكبيرة، بل اعتمد على تحليلات فنية فقط.
في مايو 2021، انخفضت البيتكوين 30% في يوم واحد. المتداولون الذين استخدموا Stop-Loss خرجوا بخسائر محدودة، بينما الآخرون خسروا جزءاً كبيراً من رؤوس أموالهم.
الخطأ الخامس: التداول العاطفي
التداول العاطفي هو اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على المشاعر مثل الخوف أو الطمع بدلاً من التحليل المنطقي أو الاستراتيجية المحددة.
ففي سوق العملات المشفرة المتقلب، تصبح العواطف عاملاً مدمراً يمكن أن يحول ربحاً محتملاً إلى خسارة فادحة.
كيف يبدو التداول العاطفي؟
- تداول الخوف(FOMO – Fear Of Missing Out): الدخول في صفقات متأخراً لمجرد أن السعر يرتفع بسرعة خوفاً من فقدان الفرصة، في هذه الحالة ستكون النتيجة: الشراء عند القمة ثم انهيار السعر.
العديد من المبتدئين اشتروا عملة SHIB في أكتوبر 2021 عندما كانت في ذروتها بسبب الضجة الإعلامية، ثم خسروا أكثر من 70% من استثماراتهم خلال أسابيع. - تداول الطمع (HODLing): الإصرار على الاحتفاظ بالعملة حتى عند وجود إشارات بتراجع السوق طمعاً في مكاسب أكبر، وهذا يؤدي الى تحويل أرباح محققة إلى خسائر.
- تداول الانتقام (Revenge Trading): بعد تعرض المتداول لخسارة كبيرة، قد يحاول استرداد أمواله من خلال اتخاذ قرارات متهورة مثل الاستثمار في عملات جديدة دون دراسة أو استخدام الرافعة المالية بشكل مفرط، هذا السلوك يؤدي غالبًا إلى خسارة مضاعفة.
الخطأ السادس: الاستثمار بأكثر مما يمكنك تحمل خسارته
إحدى السمات الرئيسية لسوق العملات المشفرة هي التقلبات الحادة، حيث يمكن أن تخسر 50% من استثمارك في يوم واحد إذا لم تكن مستعداً. ومع ذلك، يهمل الكثيرون إدارة المخاطر مما يعرضهم لخسائر كارثية.
بعض المبتدئين يستثمرون كل أموالهم في عملة واحدة، ظناً منهم أنهم إذا حققوا نجاحاً، فسيكون كبيراً. لكن في الواقع، إذا انخفضت العملة فإنهم يخسرون كل شيء.
كيف تتجنب هذا الخطأ؟
- استخدم أوامر وقف الخسارة: كما ذكرنا سابقاً حدد سعراً تلقائياً للخروج إذا انخفض السعر بنسبة معينة.
- وزع استثماراتك: لا تضع كل أموالك في عملة واحدة، بل نوّع بين عدة أصول لتقليل المخاطر.
- لا تستثمر أكثر مما تستطيع تحمل خسارته: خصص فقط جزءاً من مدخراتك للعملات المشفرة.
الحطأ السابع: إهمال الأمان الرقمي
الأمان الرقمي هو أحد أهم الجوانب التي يجب أن يوليها المتداول اهتماماً كبيراً. العملات المشفرة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، مما يجعلها عرضة للاختراقات والاحتيال.
ومع ذلك، فإن العديد من المبتدئين يهملون هذا الجانب، مما يؤدي إلى فقدان أموالهم بسهولة.
ما هي المخاطر الأمنية الشائعة؟
- اختراق الحسابات الشخصية:
إن كنت تستخدم كلمات مرور ضعيفة أو لم تفعّل التحقق الثنائي (2FA)، فإن حساباتك على منصات التداول أو المحافظ الرقمية قد تكون عرضة للاختراق. - التصيد الاحتيالي:
المخادعون يستخدمون رسائل البريد الإلكتروني أو الروابط الوهمية لسرقة بيانات تسجيل الدخول الخاصة بك. إذا انقرت على رابط مشبوه، فقد يتم سرقة أموالك بسهولة. - اختراق المحافظ الساخنة (Hot Wallets):
المحافظ الساخنة هي المحافظ المتصلة بالإنترنت، مثل التطبيقات أو المواقع الإلكترونية. على الرغم من أنها مريحة، إلا أنها أكثر عرضة للاختراق مقارنة بالمحافظ الباردة (Cold Wallets). - التوكنات المزيفة (Fake Tokens):
بعض المحتالين يقومون بإنشاء عملات مشفرة مزيفة تحاكي العملات الأصلية. إن اشتريت هذه التوكنات عن طريق الخطأ، فقد تخسر أموالك بالكامل.
في النهاية:
إن كان سوق تداول العملات الرقمية يبدو وكأنه متاهة مليئة بالفرص والمخاطر، فإن فهم هذه المتاهة هو المفتاح للخروج منها بأمان ونجاح والتقليل قدر الامكان من أخطاء تداول العملات الرقمية.
الحقيقة هي أن النجاح في هذا السوق ليس حكراً على “الخبراء” أو المحترفين فقط. بإمكان أي شخص الدخول إلى هذا العالم والاستفادة منه، ولكن بشرط واحد: أن يكون لديه الرغبة في التعلم والالتزام بالقواعد الأساسية لإدارة المخاطر واتخاذ القرارات.
سواء كنت تبحث عن استثمار طويل الأجل أو تداول يومي، فإن الخطوة الأولى هي فهم السوق وتطوير خطة واضحة، فقط بتلك الطريقة يمكنك تحويل التحديات إلى فرص.